"وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ المُؤْمِنِينَ"
كان الخليفة الناصر أحد أعظم حكام الأندلس .. وكان من أهم أعماله العمرانية بناؤه مدينة (الزهراء) كعاصمة ملوكية جديدة ، و التي بنى له فيها قصرا كان تحفة فنية ، حتى أنه قد جعل سقف إحدى القباب به مغطى بقراميد مغشاة الذهب والفضة ، حتى إذا ما انعكست عليها أشعة الشمس أحدثت وهجا شديدا ، وأنفق في ذلك مالا كثيرا، حتى أصبحت محل حديث زواره..
ودائما ما كان يدور ذلك الحديث في بلاطه ..
يسأل الناصر : " هل رأيتم أو سمعتم ملكا كان قبلي فعل مثل فعلي هذا أو قدر عليه..؟ "
فتأتي الإجابة : " لا يا أمير المؤمنين.. ! وإنك لواحد في شأنك كله ، وما سبقك إلى مبتدعاتك هذه ملك رأيناه ، ولا انتهي إلينا خبره..! "
حتى دخل عليه يوما القاضي منذر بن سعيد البلوطي .. فسأله الخليفة عن رأيه في تلك القبة المغطاة بالذهب والفضة .. فترقرقت في عيني القاضي الدموع، حتى سقطت على لحيته، وقال للخليفة :
" والله يا أمير المؤمنين، ما ظننت الشيطان – لعنه الله- يبلغ منك هذا المبلغ ، ولا أن تمَكـِّـنـَهُ من قـِبَلـَـك هذا التمكين ، مع ما آتاك الله من فضله ونعمته ، وفضلك به على العالمين ، حتى ينزلك منازل الكافرين..! "
فانفعل الناصر قائلا له : " انظر ما تقول ..! وكيف أنزلتني منزلتهم.. ؟ "
فقال له القاضي : " نعم..! أوليس الله يقول :
" وَلَوْلا أَن يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَن يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِّن فَضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ (33) الزخرف "
فوجم الخليفة ، وأطرق مليا ، ودموعه تتساقط خشوعا لله سبحانه ، ثم أقبل على منذر و قال له :
" جزاك الله يا قاضي .. فالذي قلت هو الحق .. "

Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire