lundi 9 juin 2014

عبد الرحمن الدّاخل و بناء مسجد قرطبة العظيم
قال ابن حيان : وحين افتتح المسلمون قرطبة شاطروا أهلها كنيستهم العظمى ، كما فعل أبو عبيدة وخالد بأعاجم دمشق ، فابتنوا فيه مسجدا ، وبقي الشطر بأيدي الروم إلى أن كثرت عمارة قرطبة ، وتداولتها بعوث العرب ، فضاق المسجد ، وعلق منه سقائف ، وصار الناس ينالون مشقة لقصر السقائف إلى أن أذخر الله فيه الأجر لصحيفة الداخل ، وابتاع الشطر الثاني من النصارى بمائة ألف دينار ، وقبضوها على ملأ من الناس ، ورضوا بعد تمنع ، وعمل هذا الجامع الذي هو فخر الأرض ، وشرفها من مال الأخماس ، وكمل على مراده ، وكان تأسيسه في سنة سبعين ومائة ، فتمت أسواره في عام . وبلغ الإنفاق فيه إلى ثمانين ألف دينار .
فقال دحية البلوي :
وأبرز في ذات الإله ووجهه.... ثمانين ألفا من لجين وعسجد
وأنفقها في مسجد أسه التقى.... ومنحته دين النبي محمد
ترى الذهب الناري بين سموكه.... يلوح كلمع البارق المتوقد
وقال أيضا :
بنيت لأهل الدين بالغرب مسجدا.... ليركع للرحمن فيه ويسجدا
جمعت له الأكفاء من كل صانع.... فقام بمن الله بيتا ممجدا
فما لبثوه غير حول وما خلا .... إلى أن أقاموه منيعا مشيدا
وزخرف بالأصباغ منه سقوفه.... كما تمم الوشاء بردا مقصدا
وبالذهب الرومي موه وجهه.... فبورك من بان لذي العرش مسجدا
وكملت أبهاء الجامع سبعة أبهاء ، ثم زاد من بعده حفيده الحكم الربضي بهوين ، ثم زاد عبد الرحمن بن الحكم بهوين ، فصارت أحد عشر بهوا ، ثم زاد المنصور بن أبي عامر ثمانية أبهاء ، وعمل جامع إشبيلية وسورها بعد المائتين .
وقال ابن مزين : في قبلته انحراف . وقد ركب الحكم المستنصر بالله مع الوزراء والقاضي منذر البلوطي وقد هم بتحريف القبلة ، فقالوا : يا أمير المؤمنين ، قد صلى بهذه القبلة خيار الأئمة والتابعون ، وإنما فضل من فضل بالاتباع ، وأمير المؤمنين أولى من اتبع . فترك القبلة بحالها .
قال ابن حيان : بلغ الإنفاق في المنبر الحكمي إلى خمسة وثلاثين ألف دينار وسبع مائة دينار ونيف ، وقام من ستة وثلاثين ألف وصلة من الأبنوس ، والصندل ، والعناب ، والبقم في مدة أربع سنين ، وأول من خطب عليه منذر بن سعيد البلوطي ، وبلغت أعمدة جامع قرطبة إلى ألف وأربع مائة سارية وتسع سواري ، وعمل الناصر صومعة ارتفاعها من الأرض إلى موقف المؤذن أربعة وخمسون ذراعا ، وعرضها ثمانية عشر ذراعا ، وبأعلى ذروتها سفود طويل فيه ثلاث رمانات : إحداهما فضة ، والأخرى ذهب إبريز ، وفوقها سوسنة ذهب مسدسة ، فهذه المنارة إحدى عجائب الدنيا ، وذرع المحراب إلى داخل ثمانية أذرع ونصف ، ومن الشرق إلى الغرب سبعة أذرع ونصف ، وارتفاع قبوه ثلاثة عشر ذراعا ونصف ، وذرع المقصورة من الشرق إلى الغرب خمسة وسبعون ذراعا ، وعرضها من جدار الخشب إلى القبلة اثنان وعشرون ذراعا ، وطول الجامع ثلاث مائة وثلاثون ذراعا ، ومن الشرق إلى الغرب مائتان وخمسون ذراعا .

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

الجزائر بـ «قبر الهجمات - Alger « tombeau des attaques »

 La côte d'Alger a souvent été surnommée le « tombeau des attaques » en raison des échecs répétés des grandes puissances européennes à s...